حياة

هيثم فحماوي بين الحاسوب والمقص

من بين أزقة مخيم نور شمس، حيث تتشابك الأحلام بالتحديات، يسعى هيثم فحماوي كشاب طموح استطاع أن يجمع بين مقص الحلاقة ولوحة مفاتيح الحاسوب.

كبر هيثم في المخيم، كان يقف طويلًا أمام الحلاقين في الحي، يتابع حركاتهم باهتمام، ويُراوده فضول كبير حول هذه الحرفة التي تحولت لاحقًا إلى جزء أساسي من حياته.

بداية الطريق لم تكن ممهدة؛ فبدون خبرة أو معدات، لم يكن أمامه سوى أصدقاء الحي الحلاقين الذين لم يبخلوا عليه بالنصيحة والتدريب. ومن هنا، بدأ هيثم رحلته. تعلم ببطء لكنه تعلم بثقة، واستمر في تطوير مهاراته حتى بدأ يلفت الأنظار بأسلوبه الخاص، ليصبح اسمًا مألوفًا في أوساط مجتمعه الصغير.

لكن الحلم لم يتوقف عند حدود المقص والمرايا. قرر هيثم أن يفتتح صالونه الخاص، في خطوة جريئة تعكس روح التحدي بداخله. رغم قلة الإمكانيات، أصر على تجهيز المكان بأفضل الأدوات التي تسمح له بتقديم خدمات متميزة لزبائنه. سعى لتوفير بيئة مريحة وأسعار معقولة، ليكسب ثقة أهالي المخيم ويحقق بداية قوية.

ومع افتتاح الصالون، كان هيثم يواجه تحديًا جديدًا؛ كيف يوازن بين دراسته الجامعية ومشروعه الجديد؟ فالتحق بجامعة فلسطين التقنية خضوري، حيث اختار دراسة علم الحاسوب. وفيما كانت المقصات والمرايا تملأ يومه، كانت شاشات الكمبيوتر تضيء لياليه. رأى في التكنولوجيا فرصة لتعزيز مشروعه مستقبلًا، مؤمنًا بأن المعرفة هي مفتاح النجاح في أي مجال.

ومع كل خطوة للأمام، كانت تعترضه عقبات لا يمكن التغاضي عنها. الاقتحامات المتكررة في المخيم كانت تعكر صفو الحياة وتؤثر على حركة الزبائن، إلى جانب هجرة بعض العائلات التي قللت من قاعدة زبائنه المحتملة. لكن هيثم، بروح التحدي والإصرار، كان يرى في كل أزمة فرصة لتطوير نفسه أكثر.

يواصل هيثم اليوم رحلته بين الحلاقة والحاسوب، مؤمنًا بأن المستقبل يحمل في طياته فرصًا أكبر لأولئك الذين يمتلكون الشغف والإرادة. قصته ليست مجرد قصة شاب طموح، بل هي شهادة حية على أن الأحلام، مهما كانت بسيطة أو كبيرة، قادرة على النمو في أصعب البيئات، تمامًا كالأزهار التي تتفتح رغم كل الظروف.

YouTube player
Exit mobile version