لم تعد الحياة في طولكرم كما كانت. أحياءٌ أُفرغت من سكانها، بيوت تحولت إلى أطلال، وأصوات الانفجارات طغت على نبض المدينة، ومخيميها لأن ما يجري ليس مجرد “عملية أمنية” كما يروج لها الاحتلال، بل واقع يومي من الرعب والدمار والاقتلاع.
عائلات بأكملها فرت تحت جنح الظلام، تحمل ما استطاعت من حياة في حقائب صغيرة، تاركة خلفها ذكرياتها وجدران منازلها التي تنتظر أمر الهدم. جنود مدججون بالسلاح يتجولون في الشوارع التي كانت تضج بأصوات الأطفال. أماكن كانت تعج بالحياة، أصبحت الآن مسرحًا لصراع مفتوح بلا سقف ولا نهاية.
حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار الساعة الدفع بتعزيزات عسكرية من الآليات وفرق المشاة، إلى المدينة ومخيميها وضواحيها، يتخللها إطلاق للرصاص الحي والقنابل الصوتية، ومداهمة المنازل والمحال التجارية وتفتيشها، وتخريب محتوياتها وإخضاع من يتواجد فيها للاستجواب والتنكيل والاعتقال.
وسط كل هذا الخراب، تتردد في الأرجاء جملة واحدة على لسان الأهالي: “إلى متى؟”.
طولكرم ونور شمس
يشهد مخيما طولكرم ونور شمس حصارًا مشددًا وانتشارًا عسكريًا كثيفًا يتخلله اقتحامات، وإجبار من بقي من السكان في المخيمين على إخلاء منازلهم تحت تهديد السلاح.
وكانت قوات الاحتلال لاحقت المواطنين أثناء محاولتهم الدخول إلى المخيمين لإخلاء مقتنياتهم من منازلهم المهددة بالهدم، وقامت بإطلاق الرصاص الحي تجاههم، رغم سماحها المسبق لهم بالدخول، واحتجزت العشرات منهم بمن فيهم نساء وأطفال، واعتقلت عددا من الشبان بينهم صحفيان.
جاء ذلك، بعد أن أخطرت قوات الاحتلال بهدم 106 بنايات ومنازل في المخيمين خلال 24 ساعة، منها (58) بناية في مخيم طولكرم، و(48) منزلا في مخيم نور شمس، في الوقت الذي تسبب العدوان المتواصل عليهما إلى حركة نزوح قسري لأكثر من 4200 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، تضم أكثر من 25 ألف مواطن، وتدمير 396 منزلا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.
وأسفر التصعيد المتواصل على المدينة ومخيميها عن استشهاد 13 مواطناً، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، وإلحاق دمار شامل في البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والنهب والسرقة.