عرضت نازحات من مخيم جنين تجاربهن الصحية في عام مثقل بالمعاناة، وسردن شهادات قاسية عن رحلة البحث عن العلاج والدواء وسط النزوح القسري.
وتروي نساء حوامل ومصابات بأمراض مزمنة تفاصيل محنتهن في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 21 كانون الثاني الماضي، والذي شلّ عمل المراكز الصحية، وأدى إلى انقطاع الأدوية واللقاحات، ودفع بالعيادات إلى الانتقال قسراً إلى مواقع النزوح المتفرقة، جاء ذلك خلال ورشة عمل بعنوان: “حين يصبح العلاج رفاهية، لتسليط الضوء على معاناة النساء النازحات صحياً، نظمتها الهيئة الاستشارية الفلسطينية لتطوير المؤسسات غير الحكومية، بالشراكة مع ائتلاف أمان، ضمن مبادرة، المساءلة على مستويات الاستجابة للنساء وقت الأزمات في محافظة جنين.
كما وعرض واقع التعليم، في ظل استمرار العدوان على مخيم جنين، وما نتج عنه من نزوح أكثر من 20 ألف مواطن عن منازلهم، وتأثر العملية الصحية بشكل مباشر.
كما تم تسليط الضوء، بمشاركة ممثلين عن المؤسسات الصحية، وعدد من المشاركات ضمن المشروع، على جهود مديرية الصحة والمؤسسات الشريكة مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية والاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة في الاستجابة لهذه الأزمة، من خلال إنشاء مراكز طوارئ وعيادات متنقلة، وتوفير حقائب صحية للنساء، إلى جانب برامج توعية وتدريب للكوادر الطبية، لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية وتحسين جودة الخدمات المقدمة.
بدورها أكدت رئيسة مجلس إدارة الهيئة الاستشارية الفلسطينية، فرحة أبو الهيجاء، على أهمية فتح مساحات للحوار المجتمعي لمناقشة التحديات الصحية التي تواجه النساء النازحات بعد تهجير مخيم جنين. وأوضحت أن الهدف من الورشة هو توثيق التجارب الإنسانية الصعبة التي تمر بها النساء، وتعزيز التنسيق بين المؤسسات لضمان استجابة شاملة وفعّالة.
وهدفت الورشة إلى تسليط الضوء على أدوار المؤسسات الصحية والإنسانية في الاستجابة لاحتياجاتهن الأساسية بالاضافة إلى المساءلة عن مدى استجابة القطاع الصحي لاحتياجات النساء النازحات، وقد شكّلت هذه المداخلات محوراً أساسياً في مساءلة المؤسسات الرسمية والإنسانية، وطرحت تساؤلات جوهرية حول العدالة الصحية وضمان الحق في العلاج أثناء الطوارئ.
وخرجت الورشة بضرورة تكاتف المؤسسات والعمل على حل أبرز القضايا التي تم طرحها وكانت :
- انقطاع الأدوية الأساسية واللقاحات خاصة للنساء الحوامل والمصابين بأمراض مزمنة.
- بعد المختبرات الطبية وصعوبة الوصول إلى خدمات الفحوصات والتحاليل.
- غياب الأدوات المساعدة للنساء ذوات الإعاقة أثناء النزوح، مثل الكراسي المتحركة والأجهزة الطبية.
- نقص الوعي الصحي والدعم النفسي المرافق للنساء النازحات.
- الحاجة إلى تنسيق أكبر بين المؤسسات الصحية والإنسانية لتوحيد الجهود وتوزيع الخدمات بعدالة.
التدخلات الرسمية في القطاع الصحي أثناء الطوارئ.
ولفت ممثل جمعية الإغاثة الطبية عمر منصور إلى ان النزوح يشكل أزمة إنسانية مركبة، صحية واجتماعية، وأشار إلى أن الاستجابة الصحية تطلبت تنسيقاً مشتركاً بين مختلف المؤسسات. وأضاف أن التركيز كان على النساء النازحات الحوامل والمصابات بأمراض مزمنة، موضحاً أن حجم الأزمة الكبير جعل من الصعب توحيد الجهود بشكل كامل. ودعا إلى تعزيز التعاون المؤسسي والمجتمعي لضمان وصول الخدمات بشكل أكثر عدالة وتوازن.
وفي كلمة اتحاد ذوي الإعاقة في جنين اكد محمود عمور على غياب التخطيط الاستراتيجي الكافي لإدماج النساء ذوات الإعاقة في خطط الاستجابة للنزوح. وأوضح أن هذه الفئة هي الأكثر حاجة للخدمات الصحية، مشيراً إلى أن كثيراً من النازحات خرجن من بيوتهن دون أدوات مساعدة أساسية مثل الكراسي المتحركة أو السماعات الطبية، مما زاد من معاناتهن. ودعا إلى ضرورة توفير الأدوات المساعدة وتهيئة الخدمات الصحية لتراعي خصوصية النساء من ذوات الإعاقة.
وبدورها أوضحت ممثلة الأونروا، سهير خزامية، أن الوكالة تعاونت مع مختلف المؤسسات الصحية والإنسانية منذ اللحظة الأولى للنزوح. وقالت: “لم يتوقف عملنا حتى في أصعب الظروف، فحتى الشباب والمتطوعون واصلوا جهودهم. لكن حجم النزوح كان أكبر من توقعاتنا وخططنا، لذلك اضطررنا إلى فتح عيادات متنقلة في أماكن النزوح لتقديم الخدمات الطبية، إلى جانب برامج تشغيل مؤقتة لدعم الأسر النازحة”.
وأكدت ممثلة عيادات الأونروا الطبية، إيمان شلبي، أن الوكالة عملت على توفير اللقاحات الأساسية والأدوية اللازمة بشكل دوري، إلى جانب التوعية الصحية للفئات النازحة. وأشارت إلى أن العيادات المتنقلة قامت بإجراء فحوصات طبية عاجلة وصرف أدوية داخل أماكن النزوح، كما تم تأمين بدائل للأجهزة الطبية المفقودة. وشددت على أهمية استمرار الدعم المقدم من الشركاء المحليين والدوليين لضمان استمرارية هذه الخدمات.