في مخيم بلاطة للاجئين، اختار النقيب معزوز زكي، مدير الإرشاد الديني في منطقة نابلس، أن يجعل من القرآن الكريم منارة للأمل ووسيلة لتعزيز الصمود. فإلى جانب عمله العسكري، يقود زكي مركز الهدى لتحفيظ القرآن الكريم، الذي أنشأته قيادة الأمن الوطني داخل المخيم ليكون مساحة تربوية وإيمانية للأطفال والشباب.
النقيب زكي، الحافظ لخمسة عشر جزءًا من القرآن الكريم، يرى أن كتاب الله كان له أثر بالغ في حياته الشخصية، إذ منحه الهُدى والتوفيق، كما كان له تأثير في محيطه من أهالي المخيم وطلاب المركز. لكن تحديات المخيم لا تغيب عن هذه الحلقات القرآنية. فغالبًا ما يقتحم جيش الاحتلال المخيم أثناء انعقادها، الأمر الذي يترك أثرًا نفسيًا سلبيًا على الأطفال، ويزيد من قلق الأهالي عليهم. وبرغم ذلك، يواصل النقيب زكي عمله بإصرار، محاولًا أن يزرع الطمأنينة في قلوب طلابه، مؤكدًا أن “القرآن يبقى مصدر قوة في وجه الخوف والقلق”.
خلال حديثه لمنصة “من المخيم” عن مكانة القرآن في حياة الناس، قال زكي إن الإقبال على كتاب الله فيه تغيير، مشيراً إلى أن أحد الصهاينة كان قد صرّح سابقاً: “إذا رأيتم المسلمين يتوجهون إلى كتاب الله والمساجد فاعلموا أننا في خطر”، وأضاف زكي بقلق: الهدف من هذا التحول —كما يقولون— هو تفريغ المجتمع من محتواه الروحي والفكري، وتابع بصوت هادئ “الكثيرون ينظرون إلى رجل الأمن على أنه أداة قمع وقتل، لكنّ مهمتنا أن نغرس الأمن ضد العابثين بالقانون، وأن نعمل أيضاً على بناء مناعة فكرية لدى الناس تحميهم من الانزلاق والتطرف.”
كانت كلماته تختصر رغبةً في أن تُرى المؤسسة الأمنية شريكاً للحياة الطبيعية لا عائقاً أمامها، وحلمًا بأن يعود الإيمان مجتمعاً وقايةً من محاولات تفريغ المعنى.
وفي السادس عشر من آب/أغسطس 2025، شارك زكي في فعالية السرد القرآني التي نُظمت في مدينة نابلس، حيث التقى مئات القرّاء والحفاظ الذين اجتمعوا ليؤكدوا أن القرآن ليس مجرد كتاب للعبادة، بل وسيلة لتعزيز الهوية والثبات في وجه التحديات. ليواصل النقيب معزوز زكي رسالته: تلاوةً، وتحفيظًا، وتربيةً.