الكاتبة: ولاء أبوبكر
في الثاني عشر من حزيران لعام 2020، وصلت رسالة رسمية من الاتحاد الأوروبي لمركز بديل مفادها إلغاء التمويل لمشروع بديل المشترك، والذي يحمل عنوان “التحشيد لأجل العدالة في القدس”، وهدفه تعزيز صمود شعبنا في القدس وتسليط الضوء على الانتهاكات الاسرائيلية الممنهجة، وكل ذلك كان بحجة أن المركز رفض التوقيع على شرط تجريم النضال الفلسطيني.
مركز بديل كان قد تقدم بطلب منحة من الاتحاد الاوروبي خلال العام 2018 لمشروع يهدف إلى تعزيز صمود أهل القدس، حيث جاءت الموافقة على المشروع بعد عام، أي في منتصف عام 2019، ومدته كانت ثلاث سنوات بموازنة مليون وسبعمائة ألف يورو منها مليون ومئتي ألف يور لبديل، ونصف مليون لمؤسسة مدار.
الاتحاد الأوروبي يساوم بديل على تجريم النضال الفلسطيني
نضال العزة مدير مركز بديل يقول ” في شهر آب 2019 علمنا أن لدى الاتحاد الأوروبي ملحق جديد سيتم إضافته إلى عقود التمويل، ويحتوي على نص إشكالي يتعلق بإدانة ومحاربة الإرهاب، والذي يشمل تنظيمات فلسطينية”.
ويكمل العزة ” في تلك الفترة كان بديل على وشك توقيع العقد، لذلك تم التواصل مع الاتحاد الأوروبي للاستفسار عن صحة الانباء حول مادة محاربة الإرهاب، حيث جاء الرد الرسمي نافياً لذلك، وزودونا بنص المادة المقترحة (وهي مادة قانونية مخصصة لرفض التحريض العنصري وثقافة الكراهية) ، وعليه فإنه تمت المراجعة، وظهر أنه نص عام جدا ويتفق مع مبادئ بديل والعاملين في مجال حقوق الانسان وليس فيه أي إساءة لحقوق الشعب الفلسطيني ونضاله، وعليه أبدينا استعدادنا للتوقيع على عقد التمويل”.
ويضيف العزة ” بعد فترة وجيزة، وقبل أن يصل بديل العقد الخاص به، تم الكشف عن المحلق الحقيقي والذي يتضمن مادة تجرم الإرهاب بما في ذلك سبعة تنظيمات فلسطينية، وتشترط إجراء المسح والتدقيق الأمني على المؤسسات الأهلية”.
بديل يصر على رفضه للتوقيع .. ويخسر المنحة
دخل مركز بديل في مجموعة من الحوارات الوطنية لدعم الموقف الفلسطيني في مواجهة هذا الشرط السياسي المجحف، وخاض حوارات عديدة مع المؤسسات الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، ولكن أصر الاتحاد الاوروبي على موقفه، وانهارت بعض المؤسسات وذهبت إلى توقيع العقود مع الشروط المذلة.
يشير العزة ” إلى أن بديل اتخذ موقف الرفض ومواصلة الحوار للتأثير على الاتحاد الأوروبي، حيث جرت مراسلات عديدة وحوارات على أعلى المستويات، امتدت من لعدة أشهر، حينها أبلغنا الاتحاد برسالة رسمية أنه بسبب رفضنا الالتزام بكامل المحلق بما في ذلك مادة “محاربة الإرهاب”، وعليه يعتبر مشروع بديل غير مؤهل للمنح الأوروبية”.
“وبرأيي أن هذا القرار يثبت أمرين: الأول أن الاتحاد الأوروبي متواطئ مع الحملات الصهيونية والإسرائيلية التي تستهدف المؤسسات الأهلية الوطنية الفاعلية؛ هذه الحملات التي تهدف إلى تجفيف مصادر تمويل المؤسسات لإنهاء وجودها ودورها، والثاني أن المادة المذكورة هي مادة تجرم النضال الفلسطيني والقوى الفلسطينية، فإن رسالة الاتحاد الأوروبي حول تفسر المادة المذكورة هو تفسير مضلل وغير حقيقي وغير صحيح”. هكذا عقّب العزة على قرار الاتحاد الأوروبي المجحف بحق بديل.
كيف سيؤثر القرار على الجانب المالي لبديل؟
يقول العزة ” إن هذا القرار رغم تأثيره المالي على بديل، إلا لشرف لنا أن يتم رفض تمويله بسبب موقفه الوطني”.
مؤكداً ” أن بديل لن ينتهي، وسيجد مصادر مالية نظيفة وسيتسمر في أداء دوره في مجال العمل الأهلي الوطني، حيث أننا نخطط لعقد مؤتمر وطني للبحث في شروط وأجندة التمويل الأجنبي من جهة، وبحث آليات تطوير الدعم الوطني وسبل إحياء العمل الاهلي التطوعي”.
ويشير العزة “بديل لديه القدرة على الاستمرار خصوصاً أن طلبات التطوع لديه قد وصلت بالعشرات، ومساهمات التبرع من مصادر نظيفة ووطنية أيضاً ما زالت متاحة، وهناك عدد من الممولين الآخرين، بالرغم من صغر حجم مساهماتهم في موازنة المركز، إلا أنهم ما زالوا عند التزامهم بعدم تضمين المادة المذكورة (محاربة الارهاب) في العقود معهم”.
قرار الاتحاد الأوروبي لم يؤثر على أداء بديل
ينوّه العزة ” إلى أن بديل كان له دور مميز في إسناد اللاجئين خلال فترة كورونا، حيث تمكن من مضاعفة جهوده ووصل دعمه حتى أبناء شعبنا في مخيمات لبنان، حيث أن أداء بديل لم يتأثر بل استمر في إنتاج الأبحاث المتخصصة، وتنظيم التدخلات على المستوى الدولي، ويعود الفضل لطاقم بديل المتفاني والمنتمي، ووجود أفراد فلسطينيين معنا ساهموا بشكل فاعل في إسناد المركز وفاعلياته وتدخلاته المختلفة”.
يذكر أن بديل – المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، هو عبارة عن مؤسسة أهلية فلسطينية، والذي تأسس عام 1998، ويتركز عمله على البحث، والمناصرة الدولية والتفعيل المجتمعي، ومهمته الدفاع عن حقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي، حيث يتمتع بوضع استشاري لدى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهذا يوفر له المجال لعمل حملات ضغط ومناصرة على المستوى الدولي، ويؤمن المركز أن القانون الدولي، وخصوصاً حقوق الإنسان، إحدى وسائل الدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية.
الاتحاد الأوروبي يرفض التعليق
تواصلنا مع مدير الإعلام في الاتحاد الأوروبي شادي عثمان والذي بدوره عمل على تحويلنا لقسم المشاريع في الاتحاد، والذي رفض التعقيب على قضية إقصاء مركز بديل من المنح بحجة أن الموضوع تعاقدي.