تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على مخيمات شمال الضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد 27 مواطنًا وإصابة العشرات في مخيم جنين، فيما تم اعتقال 365 مواطنًا من مخيمات جنين وطولكرم. كما شهدت المخيمات دمارًا واسعًا، بينما أُجبر سكان مخيم نور شمس على النزوح تحت التهديد. فيما انسحبت القوات من مخيم الفارعة بعد 10 أيام من الحصار والدمار، وسط مخاوف من مخططات تهدف إلى تفريغ المخيمات التي ترمز لحق العودة.”
مخاوف من تكرار سيناريو 1948
عبر عضو المجلس الثوري لحركة فتح تيسير نصر الله في تصريحات له لمنصة “من المخيم” عن قلقه البالغ إزاء ما يراه محاولات ممنهجة تستهدف تقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وشدد نصر الله على أن الأونروا تمثل شاهدًا دوليًا حيًا على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة، مؤكدًا أن استهدافها يهدف إلى تضعيف هذا الدور المحوري، وفتح أبواب التهجير من جديد كما فعلت إسرائيل عام 1948.”
وأضاف نصر الله أن المخيمات الفلسطينية نفسها تمثل شاهدًا محليًا على مأساة اللجوء المستمرة منذ عام 1948. وحذر من أن أي محاولة لتدمير هذه المخيمات أو تفكيكها إنما يصب في خدمة مخططات تهدف إلى طمس هذه الشواهد الحية على النكبة.
السياسة الإسرائيلية..
تستخدم إسرائيل الضغط العسكري المكثف لدفع الفلسطينيين إلى النزوح القسري وإفراغ المخيمات، كما في جنين وطولكرم، حيث أجبرت آلاف السكان على المغادرة ضمن مخطط تغيير ديموغرافي. كما تستهدف البنية التحتية عبر تدمير الشوارع، والمرافق الأساسية، والمدارس، مما يجعل الحياة شبه مستحيلة، كما حدث في مخيم نور شمس. إلى جانب ذلك، تفرض حصارًا خانقًا ونقاط تفتيش تعيق دخول الغذاء والدواء، مع حملات اعتقال مكثفة تستهدف الشباب. كما تدفع إسرائيل نحو الهجرة القسرية عبر التضييق الاقتصادي وعرقلة عمل الفلسطينيين ومنع المساعدات، بهدف طمس قضية اللاجئين وحقهم في العودة.
محلل سياسي: استهداف المخيمات جزء من خطة إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية
ومن ناحيته يؤكد الكاتب والمحلل في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل وفق برنامج واضح يهدف إلى تغيير الواقع السياسي على الأرض من خلال تصفية القضية الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص قضية اللاجئين. موضحاً أن الهجمات المتكررة على المخيمات الفلسطينية لا يمكن فصلها عن الحملة الممنهجة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، مشيرًا إلى أن قطع التمويل عن الوكالة ومحاولات حظر عملها كلها تأتي في إطار مخطط أكبر لتفكيك ملف اللاجئين وإنهاء وجوده سياسيًا وإنسانيًا. مضيفاً أن استهداف المخيمات ليس مسألة أمنية فحسب، بل هو جزء من مشروع سياسي طويل الأمد يسعى إلى شطب الحقوق الوطنية المشروعة للاجئين الفلسطينيين، وفي مقدمتها حق العودة، ضمن خطوات تهدف إلى إعادة تشكيل الخارطة السياسية والديموغرافية للقضية الفلسطينية.
تؤثر العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة بشكل كبير على الحياة اليومية للفلسطينيين، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني ويثير تساؤلات حول مستقبل اللاجئين في الضفة الغربية.