أشارت اللجان الشعبية ومؤسسات مخيمات محافظة نابلس، اليوم السبت، إلى وجود ضعف في التواصل مع وسائل الإعلام، الأمر الذي من شأنه أن يعرقل تسليط الضوء على قضايا اللاجئين، ودعت إلى ضرورة تقوية قنوات الاتصال بين المؤسسات المحلية في المخيمات ووسائل الإعلام، لتوحيد الجهود وتسليط الضوء بشكل مستمر على القضايا الحياتية والضغوطات المجتمعية التي تواجه السكان، وتساهم في إبراز احتياجات سكانها وحلولهم الممكنة، جاء ذلك خلال ملتقى نظمه مركز شاهد عبر منصة “من المخيم” بعنوان “دور وسائل الإعلام في خلق بيئة مستدامة ومجتمع قوي داخل المخيمات”، وفي هذا الإطار، يدعو مركز “شاهد” إلى عقد اجتماع تنسيقي يجمع ممثلي المؤسسات المحلية والصحفيين، بهدف وضع آليات عمل مشتركة، وتعزيز التعاون، وضمان تغطية إعلامية شاملة تعكس الواقع اليومي للمخيمات.
ومن جانبه رحب ميسر الجلسة فراس الصيفي، بالمشاركين، وأكد أن اللقاء اليوم لتوحيد الجهود بين المؤسسات المحلية ووسائل الإعلام، بهدف تعزيز التعاون وابتكار حلول مشتركة تسهم في تحسين الظروف المعيشية داخل المخيمات. قائلاً: “نأمل أن تكون هذه الجلسة فرصة لتبادل الأفكار ووضع آليات عمل مستدامة تخدم مجتمعنا وتضمن تغطية إعلامية تعكس الواقع الحقيقي للمخيمات”.
أكد المدير التنفيذي لمركز شاهد أحمد جاروشة أن الملتقى يهدف إلى تعزيز الروابط المجتمعية حيث يساهم الإعلام في خلق شعور بالوحدة والتضامن بين سكان المخيم، ليصبح وسيلة للتواصل والتفاعل بين الأفراد، إضافة إلى توفير منصة للتعبير عن آراء السكان، ودعم التعاون بين المؤسسات المحلية والمجتمع المدني. كما يساعد في رفع مستوى الوعي حول قضايا مثل الصحة، التعليم، والحقوق الاجتماعية، مما يساهم في تعزيز التضامن المجتمعي وتطوير حلول مستدامة لتحسين الظروف المعيشية في المخيمات.
التحديات والصورة النمطية
وتحدث رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم بلاطة أحمد شامخ، عن أبرز المشكلات التي تواجه المخيم، من بطالة ونقص في الخدمات الأساسية إلى صعوبات السكن. وأكد أن الصورة النمطية التي يرسمها الإعلام الخارجي عن المخيمات تساهم في تغذية أفكار مغلوطة، داعيًا إلى دور فعال للإعلام المحلي في تغيير هذه النظرة وإبراز الجانب الإنساني والحضاري لسكان المخيمات.
وأكد شامخ أن الإعلام يجب أن يركز بشكل أساسي على التحديات والصعوبات التي تواجه سكان المخيم، خاصة في ظل ما يتعرض له مخيم بلاطة من هدم للمنازل، دمار واسع، واعتقالات مستمرة. بدلاً من الاكتفاء بتسليط الضوء على الإنجازات فقط، مشيرًا إلى ضرورة إنشاء خطاب إعلامي موحد يعبر عن الواقع الإنساني في المخيمات. وأشار إلى أن هناك حاجة ملحة لتطوير مركز الإعلام الموجود في المخيم ليكون أداة فعالة في توثيق الحالات الإنسانية، مثل متابعة أوضاع العائلات التي هدمت منازلها وتسليط الضوء على معاناتها واحتياجاتها اليومية.
دور الشرطة المجتمعية
بدوره أكد مدير دائرة الشرطة المجتمعية العميد أشرف مطلق أن الشرطة المجتمعية تنفذ أنشطة هادفة لدعم المخيمات، وتلعب دورًا محوريًا في دعم المخيمات من خلالها حيث تستهدف جميع الفئات. وأوضح أن المخيمات تعاني من ضغوطات وتحديات كبيرة، مما يجعل الحاجة إلى هذه الأنشطة أكثر أهمية للتخفيف عن السكان وتعزيز التماسك المجتمعي. وشدد مطلق على أهمية دور الإعلام في تسليط الضوء على هذه الأنشطة المجتمعية، مشيرًا إلى ضرورة إنتاج مواد إعلامية هادفة تبرز أثر هذه الجهود على الحياة اليومية للسكان. وأكد أن التعاون بين الإعلام والشرطة المجتمعية يمكن أن يسهم في نقل صورة إيجابية وتحقيق دعم أكبر للمبادرات الهادفة داخل المخيمات.
وكان للشرطة المجتمعية دور بارز في النقاش، حيث أكد ممثلوها على أهمية الإعلام في تعزيز الوعي المجتمعي حول القضايا الأمنية والاجتماعية داخل المخيمات. وأشاروا إلى أن الإعلام المحلي يمكن أن يكون أداة فعالة في تسليط الضوء على جهود الشرطة المجتمعية في حل النزاعات، تعزيز الأمن، وبناء الثقة بين السكان والأجهزة الأمنية. وشددوا على أهمية الشراكة بين الإعلام والشرطة المجتمعية لنقل صورة إيجابية عن الجهود المبذولة لدعم المجتمع وتحقيق استقراره.
دور المؤسسات في دعم الإعلام
وفي مداخلة لرئيس مركز التطوير المجتمعي بمخيم عسكر الجديد أمجد الرفاعي، أكد على أهمية دور المؤسسات المحلية في المخيمات لدعم الإعلام وتسليط الضوء على قضايا السكان. وشدد على أن هذه المؤسسات يمكن أن تكون حلقة الوصل بين سكان المخيمات والإعلام، من خلال توفير المعلومات، تنظيم ورش العمل الإعلامية، وتعزيز التعاون مع الصحفيين لتوثيق التحديات اليومية.
وأضاف الرفاعي أن العمل المشترك بين الإعلام والمؤسسات المحلية يسهم في إنتاج محتوى هادف يبرز المعاناة والاحتياجات الحقيقية للسكان، مما يساهم في توجيه الأنظار نحو إيجاد حلول مستدامة وتحقيق الدعم المطلوب للمخيمات.
دور الإعلام في تعزيز الوحدة
أوضح عضو نقابة الصحفيين ومصور وكالة “وفا”، ايمن النوباني، أن 182 صحفيًا استشهدوا و370 آخرين أصيبوا أثناء تأدية واجبهم، مما يعكس حجم التضحيات التي يقدمها الإعلام الفلسطيني في نقل الحقيقة. وشدد على أن الإعلام لا يقتصر فقط على نقل الأخبار، بل يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الوحدة المجتمعية داخل المخيمات، مشيرًا إلى أن تسليط الضوء على التحديات الحقيقية والقواسم المشتركة يمكن أن يسهم في تسهيل التعاون بين مختلف المؤسسات المحلية.
وأشار نوباني إلى أن التغطية الإعلامية للمخيمات تتركز غالبًا خلال فترات الاجتياحات والأحداث الأمنية فقط، بينما تغيب بشكل كبير عن متابعة الحياة اليومية لسكان المخيمات والضغوطات المجتمعية التي يواجهونها. وأكد أن هذا النقص يعمق الفجوة بين الإعلام ومؤسسات المخيمات، مما يستدعي بناء نقاط اتصال وتواصل مستمرة. وشدد نوباني على ضرورة تفعيل المراكز الإعلامية في المخيمات، لتكون صوتًا يوميًا يعبر عن معاناة السكان، ويوثق واقعهم الإنساني والاجتماعي، مع التركيز على إبراز التحديات والمطالب الحياتية بعيدًا عن التغطيات الموسمية.
المرأة والإعلام
وفي مداخلة من رئيسة المركز النسوي بمخيم عسكر القديم الأستاذة وهيبة صالح، اشارت إلى ضرورة التركيز على أهمية الإعلام في دعم المرأة وتمكينها. وأوضحت أن هناك حاجة ماسة لإبراز قصص نجاح النساء في المخيمات، خاصة في مجالات العمل الريادي والتعليم، واقترحت إطلاق برنامج قصص نجاح مصوّر يروي تجارب نساء استطعن تجاوز التحديات وتحقيق إنجازات، ليكون مصدر إلهام للشباب والفتيات.
وخرج الملتقى بالعديد من التوصيات ومن أبرزها، التركيز على ورش العمل وتطوير مهارات الشباب في الاعلام، لتمكينهم من إنتاج محتوى إعلامي يعكس التحديات اليومية والحياة الإنسانية في المخيمات، وإنتاج محتوى إعلامي إنساني مصوّر يبرز التحديات والنجاحات بعيدًا عن الصور النمطية السلبية، وتعزيز التعاون مع الشرطة المجتمعية لإبراز دورها في تحقيق الأمن وحل النزاعات داخل المخيمات، إضافة إلى دعم مشاريع إعلامية متخصصة بقصص نجاح المرأة والشباب في المخيمات لتكون مصدر إلهام وتحفيز للمجتمع المحلي، وإنشاء مراكز إعلامية رقمية محلية تتيح لسكان المخيمات التعبير عن آرائهم وتسليط الضوء على قضاياهم بشكل مباشر.