بعد أيام من انسحاب الجيش الإسرائيلي من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، أعاد الشاب محمد عادل افتتاح بسطته على ركام منزله الذي دمرته الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال العملية العسكرية الأخيرة التي استمرت نحو ثلاثة أسابيع.
ويقول عادل (25 عامًا): “الشيء الوحيد الذي اختلف هو أنني كنت قبل شهر أقيم بسطتي أمام بيتي الذي كان لا يزال صامدًا أمام الهجمات الإسرائيلية، لكن اليوم، أقيم بسطتي على أنقاضه”.
في 31 مايو الماضي، انسحب الجيش الإسرائيلي من مخيم جباليا بعد عملية عسكرية استمرت ثلاثة أسابيع، أسفرت عن عشرات القتلى ودمار واسع في المنازل والمنشآت والبنى التحتية.
وأضاف عادل: “لم يستغرق منا الأمر كثيرًا حتى نستعيد حياتنا بعد العملية العسكرية. يقتلوننا ويدمرون منازلنا اليوم، وغدًا نستيقظ نمارس حياتنا على أنقاض ما دمروه”.
وعلى مسافة ليست بعيدة من عادل، يقف الخمسيني صبحي حسان يداعب أطفالًا صغارًا ينتظرون دورهم للعب على أرجوحة بدائية قام بتثبيتها على ما تبقى من أعمدة منزله الذي دمره الجيش.
ويقول حسان، وهو يحاول جاهدا رسم ابتسامة على وجهه ذو الملامح الحزينة: “عدت لأضع الأرجوحة الصغيرة على أنقاض منزلي لكي يلهو الأطفال ويخففوا من ما قد عايشوه خلال الأيام الماضية”. وأضاف: “يدفع لي الطفل شيكلا واحدا فقط مقابل اللعب، الأرجوحة مصدر رزق يومي لي ولعائلتي، ومصدر سعادة وابتسامة للأطفال الصغار”. وأكد حسان، وهو يداعب حفيده الصغير، أمله في أن تنتهي الحرب ويتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في أسرع وقت ممكن.
يعتبر مخيم جباليا أكبر المخيمات الثمانية المنتشرة في قطاع غزة، وتم إنشاؤه بعد حرب عام 1948، ويبلغ عدد سكانه 59574 نسمة وفقًا لإحصائية جهاز الإحصاء المركزي لعام 2023. ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان مخيم جباليا مسرحًا للعمليات العسكرية بين الجيش والمقاومة الفلسطينية.
بصوت عال يجذب الانتباه، ينادي سمير، وهو شاب أسمر اللون: “خشب أخضر سابوه (تركوه) اليهود وراهم للبيع”. ويقول سمير، الذي رفض الكشف عن اسم عائلته: “بعدما انسحب الجيش من المخيم، ترك وراءه مخلفات كثيرة من بينها هذه الصناديق الخشبية”.
وكان سمير يقف خلف تلة من الصناديق الخشبية المكتوب عليها باللغة العبرية والتي يستخدمها الجيش للذخيرة. ويضيف: “وجدنا ما يزيد على 300 صندوق خشبي للذخيرة، قمنا بجمعها وعرضها في السوق وقررنا بيعها للناس ليستخدموها في إشعال النار، حيث لا يوجد غاز للطهي”.
ويقول: “الحرب ستنتهي، لا شك في ذلك، ولكن آمل أن يكون ذلك اليوم قبل غد”.
المصدر: صحيفة الأيام