في ملعب مخيم العين المعلق، ووسط جدرانه، أطلقت مؤسسة “شاهد” لحقوق المواطن والتنمية المجتمعية، بالشراكة مع مرصد “كاشف” للتربية الإعلامية، مبادرة فنية فريدة لرسم جدارية تعبر عن واقع الفلسطينيين اليوم. الفنانة سما أبو عيشة، بمشاركة مجموعة من المتطوعين الشباب، جسدت هذا الواقع عبر لوحة نابضة بالحياة والرسائل العميقة.
الجدارية داخل ملعب المخيم ليست مجرد لوحة فنية، بل هي كما وصفتها سما أبو عيشة:
“الغربال الذي يفرز الحقيقة من التضليل، وهو رمز لما نحتاجه اليوم في مواجهة سيل المعلومات المضللة التي نتعرض لها.” وأشارت أبو عيشة إلى أهمية الفن كوسيلة للتعبير عن الواقع الفلسطيني والرسائل الوطنية، قائلة: “الفن ليس رفاهية، بل هو صوت يعكس معاناة الناس، ويُعبر عن الأحلام والآمال رغم الظروف الصعبة.”
مديرة مرصد “كاشف” رهام أبو عيطة أكدت أن هذه المبادرة تأتي ضمن استراتيجية المرصد لرفع وعي الشباب الفلسطيني بخطر المعلومات المضللة، قائلة:
“اخترنا مخيم العين تحديدًا لأن رسالتنا لا يجب أن تقتصر على المدن الكبرى، بل يجب أن تصل إلى كل زاوية في الوطن، من القرى إلى المخيمات.”وأضافت أن الجدارية جزء من سلسلة نشاطات تهدف إلى تعزيز التفكير النقدي لدى الشباب وتمكينهم من التحقق من المعلومات، ليصبحوا أكثر وعياً بما يواجهونه من تحديات إعلامية.
المدير التنفيذي لمركز “شاهد”، أحمد جاروشة، عبّر عن أهمية هذه المبادرة بقوله:
“هذه الجدارية ليست مجرد رسم على الحائط، بل هي صرخة بصرية تُلهم الأجيال القادمة وتحكي قصة الفلسطيني في كل مكان. مخيم العين هو رمز لصمودنا، ولهذا كان اختيارنا له بمثابة رسالة نؤكد فيها أن الفن قادر على نقل صوت المخيم إلى العالم.” وأضاف: “نريد للشباب أن يعبروا عن قضاياهم بطرق خلاقة، والفن هو أحد أقوى الأدوات التي يمكنهم من خلالها إيصال أصواتهم.”
أمين سر اللجنة الشعبية لخدمات مخيم العين، إبراهيم نمر، شدد على أهمية التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والمخيمات، قائلاً:
“نحن سعداء بالتعاون مع ‘شاهد’ و’كاشف’، فهذه الجدارية ستبقى أمام أطفالنا ولاعبينا وزوارنا لتذكرهم بضرورة البحث عن الحقيقة وعدم الانجرار وراء الأخبار الزائفة. إنها رسالة بصرية لتعليم الأجيال معنى التحقق من المعلومات، والاستفادة من الفن في اكتشاف الحقائق.”
الفن.. أداة للبقاء والصمود
الجدارية التي تزين جدار ملعب المخيم اليوم، ليست مجرد لون وفرشاة، بل انعكاس لصمود شعب يتحدى الاحتلال والتضليل. هي لوحة تعكس فلسطين بعيون شبابها، وتثبت أن الفن، مهما كان بسيطًا، هو أداة للبقاء والاستمرار، ووسيلة لمقاومة كل أشكال التزييف التي تحيط بهم.