لم يكن أحمد داوود، ابن الخامسة عشرة، يتخيل أن عربة بيع الذرة التي كان يساعد والده في العمل عليها، ستصبح يومًا مسؤوليته وحده.
اليوم، يقف أحمد في أحد شوارع مدينة نابلس، خلف عربة صغيرة، يبيع الذرة بيدين أنهكهما العمل المبكر، لكنّ عينيه ما زالتا تحملان بريق الفخر.
أحمد لاجئ من مخيم العين، وابن الشهيد ماجد أبو داود، الذي استشهد إثر إصابته بعدة رصاصات في البطن والأطراف خلال اقتحام قوات الاحتلال للمخيم. ورغم محاولات طواقم الإسعاف إنقاذه، إلا أن جنود الاحتلال اعتدوا عليه ومنعوا نقله إلى المستشفى، قبل أن يسلموه لاحقًا للطواقم الطبية وقد فارق الحياة.
يقول أحمد لمنصة من المخيم: “كنت أنزل مع أبوي قبل ما يستشهد… كنت أساعده وأتعلم منه. بعد ما راح، حسّيت إنه لازم أكمّل، ما بقدر أترك عربته، هي ذكرى منه ومسؤوليتي”.
من قلب مخيم العين، يبدأ أحمد نهاره على مقاعد الدراسة، وحين ينتهي الدوام المدرسي، يتوجه مباشرة إلى سوق نابلس ليعمل على عربته الصغيرة.
لا يختلف أحمد كثيرًا عن غيره من أبناء الشهداء الذين اضطرّوا لتحمّل المسؤولية باكرًا. لا وقت لديه للّعب كما أقرانه، فالحياة حمّلته واجبًا أكبر من عمره، لكنه يمضي بخطى واثقة، محافظًا على إرث والده ومصدر رزق عائلته.


